نشأة الدولة الصفوية في ايران

ا أصول الأسرة الصفويّة وتحركاتها الأولى حتى سنة650ﻫ/1252م:
ومن أجل التعرف على أبعاد النفوذ الروحي والمعنوي الذي تمتعت به هذه الأسرة الصفويّة قبل عهد الشيخ صفي الدين وخلاله وبعده، ينبغي معرفة أصول الأسرة الإثنية التي أخذت اسمها من صفي الدين هذا، وأفاد أحفاده من تلك الروحانية وهذا اللقب، فسارت طريقتهم في دروب النجاح وتحولت بعدها إلى دولة ومشروع سياسي.
ولد الشيخ صفي الدين اسحق الأردبيلي في قرية كلخوران التي تبعد ثلاثة كيلومترات شمال أردبيل مركز أذربيجان على السواحل الغربية لبحر قزوين، وأشارت المصادر التي تضمنت شجرة النسب الصفويّة اتصاله بالحمزة بن موسى الكاظم سابع أئمة الشيعة الاثني عشرية بعشرين ظهرا ابن محمد الأعرابي ابن أبو محمد القاسم ابن أبو القاسم حمزة ابن موسى الكاظم عليه السلام".
وأسوة بكل أشجار النسب التي تتعرض إلى النقد والتجريح، حاول الكثير من أعداء الصفويين من عثمانيين ومماليك وأوزبك وقاﭽﺎريين وبهلويين التشكيك بالنسب الذي ادّعاه الصفويون، بوصفه أساسا من أسس مشروعية تصديهم لحكم المسلمين، حين اشترطت غالبية المذاهب الإسلامية القرشية في الخليفة، فاختُلف في قبول النسب الصفوي، فمن المؤرخين من أصرّ على اتصالهم بالعلويين، ومنهم من أنكر ذلك، بل أن البعض اختلف مع ذاته حول هذا الموضوع، مع أن معظم الرافضين لنسبهم العلوي اعتمدوا نتائج تحقيقات المؤرخ الإيراني سيد أحمد كسروي حول أصل الأسرة وهويتها الطائفية من خلال مقارنته لعدد من النسخ الخطيّة لكتاب ابن بزّاز، وعرض هذه الآراء لأول مرة في مقالات متفرقة، ثم جمعها مفصلة في كتابه "شيخ صفي وتبارش"
بنى كسروي نظريته على أن النسخة الأصلية من كتاب "صفوة الصفا" تلاعب بها مير أبو الفتح بن مير مخدوم الحسيني (ت976ﻫ/1568-9)، في أيام الشاه طهماسب بن إسماعيل (930-984ﻫ/1524-1576م) وبأمر منه، وتم تغيير بعض المعطيات والروايات عن الشيخ صفي وإضافة أخرى لم تكن موجودة في كتاب ابن بزّاز الأصلي، وهذه القضايا تتعلق بثلاثة محاور، الأول أصل صفي الدين وجذوره العرقية، والثاني مذهبه وفيما لو كان الشيخ سنيا أم شيعيا، والثالث اللغة التي كان يتحدث بها. وتوصل إلى ثلاث نتائج، تفيد أن الشيخ صفي لم يكن سيدا وأن أبناءه وأحفاده جعلوا منه سيّدا، وأنه كان سنيّا، لكن حفيده إسماعيل تبنى التشيّع، وأن لغة الشيخ كانت الفارسية وأن أبناءه من بعده تكلموا التركية
ويقسّم كسروي الشجرة الصفويّة إلى ثلاثة أقسام، يمتد الأول من إسماعيل بن محمد بن أحمد الإعرابي حتى الإمام موسى بن جعفر، ويقول انه لاشك فيه لأنه مذكور في كتب الأنساب، والجزء الثاني يبدأ من صفي الدين حتى فيروز شاه وهو معروف أيضا، والجزء الثالث الممتد من فيروز حتى إسماعيل، أي الجزء الأوسط، وهو الذي يشك في صحته لكونه غير معروف ولم يذكر في كتب النسب، والواقع أن أشخاص هذا القسم معروفون ومذكورون في كتب الأنساب، ولكن على نطاق ضيق نظرا لضعف أثرهم التاريخي.