السعادة في هذه الحياة مطلب عظيم، ومقصد جليل، يسعى إليها كل إنسان ,ومن أعظم أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصول الطمأنينة والسكينة، وهدوء البال وراحة النفس، متى ما تحقق الوئام بين الزوجين، فقال سبحانه: { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم: 21].
أولاً ـ اختيار الزوجة :
لقد أرشد الإسلام الحنيف مريد النكاح إلى اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين القويم، والخلق الكريم، والمنشأ الطيب، الودود الولود، فقال : ((تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك))
والزوج عليه أن يسأل عن الأخت المسلمة التي ينوي الارتباط بها، عليه أن يسأل عن دينها وخلقها وأدبها، عليه أن يتروى في اختيار شريكة حياته وأم أولاده والمؤتمنة على سره ولا يتسرع، فالحياة تحتاج إلى تكامل وانسجام الزوج وزوجته، وسرعان ما تخبو العواطف المشبوبة والمشاعر المتأججة، والأحاسيس الملتهبة، ما لم تقم على أساس من الصدق والحب والتفاهم والإخلاص ووحدة الهدف...
والبيت السعيد هو البيت الذي تعتقد ربته أنها بالنسبة لزوجها أم وأخت وصديقة وحبيبة، فيعيش لها الزوج بمثابة الأب والأخ والصديق والحبيب.. تصوروا معي أسرة تنشأ في ظل هذه المعاني، ماذا يكون أبناؤها؟ إنهم المتفوقون دائماً في كل حياتهم، النافعون للوطن، وللأمة الإسلامية، إنهم الأمل الذي نبحث عنه . قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: [ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل، خيراً له، من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله] .
إن أول أساس وضعه لك الإسلام، لاختيار شريكة العمر، أن تكون صاحبة دين,أما الأساس الثاني لاختيار شريكة الحياة فهو أن تكون صاحبة خلق ,ومن الأسس التي فصل الإسلام فيها القول عند اختيار شريكة الحياة هو أن يكون هناك تقارب في السن والثقافة، والنسب، وهذا هو ما يطلق عليه في فقهنا الإسلامي باسم (التكافؤ بين الزوجين)، وذلك لحفظ مستوى الحياة الزوجية، والإنسجام بين الزوج وزوجه .
ثانياً ــ اختيار الزوج :
على الأخت المسلمة الواعية ألا تقبل الزواج من رجل إلا بعد أن تكون قد درست أخلاقه وصفاته ودرست كذلك أسرته الكبيرة، وعرفت عنه ما يلزم لها، كي تشعر بأمان واطمئنان، وتقبل إلى الحياة الهانئة معه في ظل قناعة ورضا وقبول وحب يجب أن تتروى الأخت المسلمة حتى تستمع إلى نصائح والدتها ووالدها وأقاربها ، وصديقاتها المؤتمنات على الأسرار، حتى تنجح في اختيار الزوج الذي يناسبها، وتعيش معه في ظل سعادة وهناء وراحة بال. إن أول أساس وضعه الإسلام، لاختيار شريك العمر، أن يكون صاحب دين، ذلك أن الدين يعصم الرجل من الوقوع في المخالفات ، ويبعده عن المحرمات، فالرجل المتدين بعيد عن كل ما يغضب الرب، ويدنس ساحة الزواج.
وأما الأساس الثاني فهو أن يكون الزوج ذا خلق ، والحقيقة أن هذا العنصر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأساس الأول الذي هو الدين، ذلك أن المتدين لا بد من أن يكون صاحب خلق، لأن دينه سيمنعه من فحش القول، وبذاءة اللسان، وسوء المنطق وثرثرة الكلام، وعلى كل فحسن الخلق أساس قويم، ومنهج حكيم في البحث عن الرجل .
وفي الاخير الموضوع
لقد شرع الله عز وجل النكاح لمصالح الخلق,غير أن الواقع المؤلم أن كثيرًا من المجتمعات المسلمة اليوم قد ابتعدت عن هدي الإسلام,حيث يغالي البعض في طلب المهور العالية، والتكاليف الباهظة، ويسرفون في إقامة الولائم والحفلات، ويبذلون في سبيل ذلك الأموال الطائلة، التي تبدد مال الأغنياء وتثقل كاهل الفقراء، مما كان عائقًا لكثير من الشباب عن الإقدام على الزواج، لعجزهم عن أعبائه وتكاليفه، ومما ترتب عليه أيضًا حرمان كثير من الفتيات عن حقهن المشروع في الزواج، وعضلهن عن النكاح بالأكفاء، فكم في المجتمعات المسلمة من فتيان وفتيات قد حيل بينهم وبين ما جبلوا عليه من الرغبة في النكاح، وبناء الأسرة، والعيش تحت ظلها الوارف، بسبب تكاليف الزواج الباهظة، أو بسبب ما للعوائق من العادات والتقاليد الاجتماعية (السخيفة جدا) المخالفة لهدي الإسلام وتعاليمه، مما أدى إلى مفاسد وأضرار عظمى في بعض المجتمعات المسلمة، وانحراف بعض الناشئة عن طريق العفاف والفضيلة.