بَينما كان معالي توفيق بك الخالدي وزيرا للداخلية في عهد الملك فيصل الاول ذاهبا الى داره في محلة جدير حسن باشا مساء يوم الجمعة 22 شباط من عام 1924، اذا بيد اثيمة تطلق عليه اربع عيارات نارية من مسدس برونيك فاردته قتيلا لساعته، وقد هرب الجاني قبل وصول الشرطة الى مكان الحادث.
لقد حار الناس في تعليل هذه الحادثة حيث قال البعض ان القتيل كان من انصار الجمهورية، وان الملك فيصل الاول اتفق مع نوري السعيد وجعفر العسكري على وجوب التخلص من الخالدي الذي كان يشايع الانكليز، وقد تبنى موضوع الاغتيال شاكر القرغولي المقرب الى نوري السعيد العسكري، فاختبأ هذا (القرغولي) في دار عبدالحميد كنة القريبة من دار الخالدي، حتى اذا اقترب المغدور، تبعه القرغولي واطلق عليه النار من الخلف حيث استقرت الاطلاقات الاربع في قلبه.. وقضي عليه.
لقد قال البعض ان القاتل الحقيقي هو (عبدالله محمد سرية) وان شاكر القرغولي هو الرأس المدبر لعملية الاغتيال، كما سمع من عبدالله الذي قضى سنتين في معتقل العمارة في اعقاب الحركة التحررية التي قامت في ايار 1941 انه هو القاتل الحقيقي بمساعدة شاكر القرغولي الذي كان عضوا في جمعية سرية هدفها الفتك عن بشايع الانكليز. كما قال البعض الاخر ان الخالدي كان من دعاة الاتحاديين في الدولة العثمانية، كما كان عضواً بارزا في (الحزب الحر العراقي) الذي اشتهر لموالاته للانكليز وبالميل الى نظام الحكم الجمهوري، وان القوميين العرب وعلى رأسهم ياسين الهاشمي قابلوا الاغتيال بالغبطة والسرور، وربما كانوا على علم مسبق بالقضية.
لقد كان الخالدي شخصية فذة، وذا كفاءة نادرة، وكان خصومه السياسيون يخشون بأسه، ويوجسون خيفة من قرب صيرورته رئيسا للوزراء حيث يقضي على طموحهم ويبدد احلامهم، وقد يمهد الى قيام حكم جمهوري في البلاد، وكان قد تلقى قبل اغتياله رسائل غير موقعة ينصحه فيها اصحابه ان يحذر مؤامرة تحاك ضده، وقد اطلع عليها المندوب السامي البريطاني السرهنري دوبس عندما كان الخالدي راكبا معه في السيارة المندوبية ليظهر للناس احترام الناس له.
لم يكن حادث اغتيال الخالدي مدعاة للانزعاج الحقيقي لدى الاوساط النيابية العليا الامر الذي ادى الى عدم اظهار القاتل. وكان هذا القتل اول اغتيال سياسي في تأريخ العراق الحديث.
____________________
منقول عن صحيفة المشرق العدد/1007الخميس 5تموز2007 2007
موضوع: أول أغتيال سياسي في عهد العراق الحديث 
الثلاثاء أغسطس 14, 2007 2:04 pm
