السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغرائز ومكافحة العادة :
من ضمن الطّرق السّليمة والمعقولة لمكافحة أيّ رذيلة تعوّد عليها الإنسان : استخدام الغرائز الكامنة في النّفس ، حيث إن في نفس الإنسان غرائزاً من الضروري إشباعها بما يناسبها لكنّه يغفل عنها فعليه أن يستخدمها كسلاح للتخلّص من العادات المذمومة ؛ ولنضرب مثلا لتوضيح ذلك :
المصاب بداء السكّر والذي قضى ثلثي عمره في تناول السكّريات والأطعمة الشهية وتعوّد عليها، حينما ينبّهه الطبيب بالعواقب الوخيمة النّاجمة من تناول هذه الأطعمة .. نراه يمتنع عن تناولها ويهجرها رغم تعوّده عليها ، والسبب في ذلك هو :(غريزة حب البقاء) إذ هي خير سلاح يستخدمه ضدّ ما تعود عليه سابقاً ..وهكذا بالنسبة للأمراض الأخلاقيّة فإنّ استخدام الغرائز نافع في الإقلاع عنها وهاك ثلاثة أمثلة على ذلك :
المثال الأول : داء الغرور:
المصاب بداء الغرور فإنه إذا أراد التخلص منه فعليه أن يكرّس (غريزة) أخرى لمحاربة هذا الداء ،وهذه الغريزة هي عبارة عن (حب الانسجام مع المجتمع ) وجلب الناس وبالتالي احتلال المكانة المرموقة في قلوبهــم ، إذ أن المغــرور ينبــذه الآخرون ويسخطون عليه ، يقول الإمام الـهادي (ع) : (من رضي عن نفسه كثر السّاخطون عليه) .البحار ج 72 ص 316
مضــافاً إلى أنّ المغـرور عرضة لسخط الله تعالى كما يقول الإمام علي (ع):( من رضي عن نفسه أسخط ربه) .غرر الحكم ص308
و يقول عليه السلام : ( من اسخط بدنه ارضى ربه و من لم يسخط بدنه عصى ربه ) .البحار ج 70 ص 312 .
المثال الثاني : داء الحسد:
المصاب بداء الحسد إذا أراد التخلّص منه فليستخدم (غريزة) تناسب ذلك وهي (غريزة حب السلامة) إذ أنّ الحاسد يشغل فكره وذهنه وبالتالي يمرض جسمه ، كما يقول الإمام علي (ع) : (العجب لغفلة الحسّاد عن سلامة الأجساد).[البحار ج 73 ص256 ].. مضافاً إلى كون الحسد سبباً لضياع الأعمال ، يقول الإمام الباقر ( ع ) : (إنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب) .البحار ج 73 ص 273
المثال الثالث : داء التكبر:
المصاب بداء التكبر فإنّه إن أراد التخلص منه فليستخدم (غريزة) أخرى ولنسمّيها (حب المعزّة) لدى الآخرين إذ أن الناس العقلاء يحتقرون المتكبر لتكبره ويعزّون المتواضع ،وبالتّالي يصبح ذليلاً فيما بينهم إن تكبّركما يقول الإمام علي ( ع ) : (من تكبّر على الناس ذلّ). [البحار ج 1 ص 160].. فلكي يحفظ الإنسان عزّته وكرامته لدى الآخرين فليترك التكبّر وليتواضع لهم .