أدعيتهالدعاء كلام تذلل وخضوع ينشئه المخلوق مخاطباً به الخالق العظيم، يطلب منه مرضاته، ويستزيده من إحسانه، وقد حث القرآن الكريم عليه فقال تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
وقال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً).
وقال (صلّى الله عليه وآله): من لم يدع الله يغضب عليه. (الدر المنثور 5/356)
وقال (صلّى الله عليه وآله): إن الله يحب الملحين في الدعاء. (الدر المنثور 5/356)
وقد حث الأئمة (عليهم السلام) على الدعاء كثيراً، قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): الدعاء أفضل العبادة. (البرهان في تفسير القرآن 4/101)
وقد ورد عن كل واحد منهم (عليهم السلام) أدعية كثيرة ذكرها علماؤنا (رحمهم الله) في سير الأئمة (عليهم السلام)، أو في كتبهم التي صنفوها في الأدعية، واختيارنا على الأدعية القصيرة لهم (عليهم السلام)، ولو أردنا جمع كل ما ورد عن كل واحد منهم (صلوات الله عليهم) من الأدعية لكانت كتبنا أضعاف حجمها، فقد أفرد بعض الأعلام لبعضهم (صلوات الله عليهم) كتباً مستقلة في الأدعية، فالصحيفة العلوية جمع فيها أدعية الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، والصحيفة الحسينية جمع فيها أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)، والصحيفة السجادية جمع فيها أدعية الإمام زين العابدين (عليه السلام) (أعلام الورى 355). وأدعية الإمام الصادق (عليه السلام) للشيخ البحراني، وأدعية الإمام الصادق (عليه السلام) للشيخ المظفري، وغير ذلك كثير.
نقدم في هذا الفصل بعض ما ورد من أدعية الإمام أبي محمد (عليه السلام):
1ـ روى الحميري في (الدلائل) عن أبي هاشم الجعفري قال: كتب إلى أبي محمد بعض مواليه يسأله أن يعلمه دعاءً فكتب إليه: أدع بهذا الدعاء:
(يا أسمع السامعين، ويا أبصر المبصرين، ويا أنظر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين صل على محمد وآل محمد، وأوسع لي في رزقي، ومد لي في عمري، وامنن علي برحمتك، واجعلني ممن تنتصر به لدينك، ولا تستبدل بي غيري). (وقد استدرك على الصحيفة السجادية كثير من العلماء فجمعوا ما وصل إليهم من أدعية الإمام زين العابدين (عليه السلام))
2ـ من دعاء له (عليه السلام) في القنوت:
(يا من غشي نوره الظلمات، يا من أنارت بقدسه الفجاج الموعرات، يا من خشع له أهل الأرض والسماوات يا من نجع له بالطاعة كل متجبرٍ عات، يا عالم الضمائر المستخفيات، وسعت كل شيء رحمة وعلماً، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، وعاجلهم بنصرك الذي وعدتهم إنّك لا تخلف الميعاد، وتعجل اللّهم اجتياح أهل الكيد، وآوهم إلى شر دار في أعظم نكال وأقبح مثاب. اللّهم إنّك حاضر أسرار خلقك، وعالم بضمائرهم، ومستغن لولا الندب باللجأ إلى نجز ما وعدته اللاجئ عن كشف مكامنهم، وقد تعلم يا رب ما أسره وأبديه، وانشره واطويه، وأظهره وأخفيه، على متصرفات أوقاتي، وأصناف حركاتي، من جميع حاجاتي، وقد ترى يا رب ما قد تراطم فيه أهل ولايتك، واستمر عليهم من أعدائك، غير ضنين في كرم، ولا ضنين بنعم، ولكن الجهد يبعث على الاستزادة وما أمرت به من الدعاء، إذا أخلص لك اللجأ يقتضي إحسانك شرط الزيادة، هذه النواصي والأعناق خاضعة لك بذل العبودية، والاعتراف بملكة الربوبية، داعية بقلوبها، ومشخصات إليك في تعجيل الإنالة، فما شئت كان وما تشاء كائن، أنت المدعو المرجو المأمول المسؤول، لا ينقصك نائل وإن اتسع، ولا يلحقك ضجرة من سائل وإن ألح وضرع، ملكك لا يخلقه التنفيد، وعزك الباقي على التأبيد وما في الأعصار من مشيتك بمقدار، وأنت الله لا إله إلا أنت الرؤوف الجبار. اللّهم أيدنا بعونك، واكنفنا بصونك، وأنلنا منال المعتصمين بحبلك، المستظلين بظلك). (البلد الأمين 564، مهج الدعوات: 63)
3ـ من دعاء له (عليه السلام):
(بسم الله الرحمن الرحيم، يا عدتي عند شدتي، ويا غوثي عند كربتي، ويا مؤنسي عند وحدتي، احرسني بعينك ا
لتي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام). (مهج الدعوات: 45)
حكمهلو جمع ما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من النصائح والحكم والمواعظ لحصل عندنا موسوعة ضخمة في المعارف والعرفان والأخلاق ولازدانت المكتبة العربية بمجموعة نفيسة من الكتب هي أحوج ما نكون إليها اليوم.
لقد حفظ التاريخ لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) من نفيس الكلام ما لم يحفظ لأحد من الصحابة والتابعين، ومن جاء بعدهم من العلماء، وليس هذا بكثير على أناس هم الثقل الثاني الذي خلفه الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) بين ظهراني الأمة الإسلامية، وجعلهم نظراء القرآن الكريم.
ومن هذا التراث الذي خلفوه (عليهم الصلاة والسلام) هي حكمهم القصار، التي جمعت كل واحدة منها من التعاليم الأخلاقية، والنصائح التوجيهية، ما لم تجده في الفصول الكبيرة التي كتبها غيرهم، وهذه من مميزاتهم الكثيرة عن غيرهم من الناس.
نذكر في هذه الصفحات بعض ما ورد من حكم للإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام):
1ـ قال (عليه السلام): إنّ في الجنة باباً يقال له (باب المعروف) لا يدخله إلاّ أهل المعروف. (الفصول المهمة: 270)
2ـ وقال (عليه السلام): من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله وملائكته يصلون عليه حتى يقوم.
3ـ وقال (عليه السلام): ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة، وإنّما العبادة كثرة التفكر في أمر الله.
4ـ وقال (عليه السلام): قلب الأحمق في فمه، وفم الحكيم في قلبه. (ومعناها: أنّ الأحمق يتكلم بلا روية وتأمل، والحكيم يفكر بالكلمة قبل أن يتكلم بها)
5ـ وقال (عليه السلام): صديق الجاهل تعب.
6ـ وقال (عليه السلام): خير من الحياة ما إذا فقدته بغضت الحياة، وشر من الموت ما إذا نزل بك أحببت الموت.
7ـ وقال (عليه السلام): ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذله. (تحف العقول: 364)
8ـ وقال (عليه السلام): حب الأبرار للأبرار ثواب للأبرار، وحب الفجار للأبرار فضيلة للأبرار، وبغض الأبرار للفجار خزي على الفجار.
9ـ وقال (عليه السلام): من التواضع السلام على كل من تمر به، والجلوس دون شرف المجلس.
10ـ وقال (عليه السلام): من الفواقر التي تقصم الظهر جار إن رأى حسنة أخفاها، وإن رأى سيئة أفشاها.
11ـ وقال (عليه السلام): بئس العبد عبد يكون ذا وجهين، وذا لسانين، يطري أخاه شاهداً، ويأكله غائباً، إن أُعطي حسده، وإن ابتُلي خذله.
12ـ وقال (عليه السلام): الغضب مفتاح كل شر.
13ـ وقال (عليه السلام): أقل الناس راحة الحقود.
14ـ وقال (عليه السلام): أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام على الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشد الناس اجتهاداً مَن ترك الذنوب.
15ـ وقال (عليه السلام): ما ترك الحق عزيز إلا ذل، ولا أخذ به ذليل إلا عز.
16ـ وقال (عليه السلام): خصلتان ليس فوقها شيء: الإيمان بالله، ونفع الإخوان.
17ـ وقال (عليه السلام): جرأة الولد على والده في صغره، تدعو إلى العقوق في كبره.
18ـ وقال (عليه السلام): ليس من الأدب إظهار الفرح عند المحزون.
19ـ وقال (عليه السلام): رياضة الجاهل، ورد المعتاد عن عادته كالمعجز.
20ـ وقال (عليه السلام): من وعظ أخاه سراً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه.
21ـ وقال (عليه السلام): حسن الصورة جمال ظاهر، وحسن العقل جمال باطن.
22ـ وقال (عليه السلام): من أنس بالله استوحش من الناس.
23ـ وقال (عليه السلام): جعلت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه الكذب.
24ـ وقال (عليه السلام): من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة. (بحار الأنوار 17/216-218)
25ـ وقال (عليه السلام): إن للجود مقداراً فإذا زاد عليه فهو سرف، وللحزم مقداراً فإذا زاد عليه فهو جبن، وللاقتصاد مقداراً فإذا زاد عليه فهو بخل، وللشجاعة مقداراً فإذا زاد عليه فهو تهور، كفاك أدباً لنفسك تجنبك ما تكره من غيرك. (الأنوار البهية: 160)
26ـ وقال (عليه السلام): لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض.
27ـ وقال (عليه السلام): ما من بلية إلا ولله فيها حكمة تحيط بها.
28ـ وقال (عليه السلام): من كان الورع سجيته، والكرم طبيعته، والحلم خلته، كثر صديقه والثناء عليه، وانتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه. (أعيان الشيعة 4ق3/312-316)
29ـ وقال (عليه السلام): لا تمار فيذهب بهاؤك، ولا تمازح فيجترأ عليك.
30ـ وقال (عليه السلام): إذا كان المقضي كائناً فالضراعة لماذا. (المجالس السنية 5/471)