بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
كان من ضمن وصية الامام الحسين ( عليه السلام) للحوراء زينب ( عليها السلام): لاتشقي علي جيباً ، ولا تخمشي علي وجهاً ، ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت.
وقد ورد من ضمن زيارة الناحية المقدسة والتي هي عن لسان الامام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف): فلمّا رأين النساء جوادك مخزيّاً ، ونظرن سرجك عليه ملويّاً ، برزن من الخدور ، ناشرات الشعور على الخدود ، لاطمات الوجوه ، سافرات ، وبالعويل داعيات ، وبعد العزِّ مذلَّلات ، وإلى مصرعك مبادرات .
والســـــــــــــــــــؤال الذي قد يتبادر الى ذهن اي قارئ هل ان زينب سلام الله تعالى عليها خالفت وصية الحسين عليه السلام _كما يدعي اعداء المذهب لعنة الله تعالى عليهم_؟؟؟ ام ان هذا التناقض في الحالتين لسبب ما ؟؟؟
الجــــــــــواب:
يقول السيد محمد صادق الحسيني
الامام الحسين ع لزينب ع :لاتشقي علي جيباً ، ولا تخمشي علي وجهاً ، ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت .. (لا)هنا هي اداة نهي و نهي الإمام عليه السلام إنما يكون نهي إرشاد( أي لا يدل على الحرمة ) بخصوص ذلك الموقع وإلا فالأظهر جوازهما سيما لسيد شباب أهل الجنة عليه السلام.
يقول الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف: «فلما رأين النساء جوادك مخزياً ونظرن سرجك عليه ملويّاً» والسرج ما يوضع على الفرس لجلوس الراكب، ويوثق بالجواد بكلّ استحكام لئلا يقع الراكب من الفرس حين عَدْوه، وإذا ما وقع الفارس من جواده دون اختياره يلتوي السرج إلى الأسفل. وهذا ما يشير إليه مولانا صاحب العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف، أي: لمّا سمع أهل البيت سلام الله عليهم صهيل جواد الإمام الحسين سلام الله عليه خرجن من الخدور فنظرن إلى الجواد وإذا بسرجه ملوي فعرفن من حالة الجواد ما جرى على أبي عبد الله سلام الله عليه. ويصف الإمام الحجة سلام الله عليه حالة النساء فيقول: «فبرزن من الخدور ناشرات الشعور». أما الخدور جمع خدر، والخدر ـ في اللغة العربية ـ ما يُتوارى به، ومنه اُطلق على الستر الذي يُمدّ للجارية في ناحية البيت. والخادر: كل شيء منع بصراً فقد أخدره، ولذلك يُطلق على الظلمة خِدراً، فالخدر هو الستر الذي لا يكشف؛ فيكون معنى هذه العبارة: أن بنات الرسالة قد خرجن من خبائهن الشديد الستر!
أما قوله عجل الله تعالى فرجه الشريف: «ناشرات الشعور» فيمكن تصويره كالتالي:
كان من المتعارف عند العرب سابقاً أن المرأة إذا فقدت عزيزاً عليها تبقى بقية عمرها محزونة لمصابه، محرومة حتى من البسمة والضحكة لفقده، فإنها في ظروف كهذه تفتح ضفيرتها داخل الستر والحجاب كعلامة لشدة المصيبة ـ وهذه العادة موجودة في العراق أيضاً وربما في مناطق عربية أخرى ـ وليس المراد من العبارة كما يتصور البعض أن العلويات خرجن من الستر ورؤوسهن مكشوفة والعياذ بالله. إذن: معنى«ناشرات الشعور» هو: إن العلويات فتحن ظفائرهن تحت المقانع لشدة المصاب، بعد أن ربطن المقانع على رؤوسهن بإحكام امتثالاً لأمر سيد الشهداء سلام الله عليه، فقد أوصاهن بذلك لكي لا يذهلن عن حجابهن من شدة المصيبة وعظمة الفاجعة ثم يقول الإمام بعد ذلك مصوّراً حالة العلويات: «على الخدود لاطمات وبالعويل داعيات».
حقّاً: إن كلّ كلمة في هذه الزيارة تعبّر عن مصيبة عظيمة، فتارة يدعو الإنسان شخصاً، وأخرى يناديه برفيع صوته، وكلاهما لا يقال له عويل، إنما يكون العويل حينما يبكي الإنسان ويصيح برفيع صوته، وهذا معناه أن العلويات خرجن من المخيَّم إلى مصرع سيد الشهداء ـ والمسافة ليست بعيدة ـ وهنّ مهرولات باكيات يصرخن بأصواتهن مناديات: وامحمداه، واعلياه، وافاطمتاه، واحسيناه، واجعفراه، واحمزتاه... ولسان حالهن: يارسول الله إحضَر اليوم في كربلاء، وانظر ما جرى علينا، وأنت يا أبتاه يا أمير المؤمنين احضر وانظر حالنا. ثم إنه سلام الله عليه قال: «وإلى مصرعك مبادرات» فقد تسابقت العلويات صغارهن وكبارهن إلى مصرع سيد الشهداء سلام الله عليه ولا أعلم لماذا أسرعن؟ فربما أسرعن ليدركن لحظة من حياة أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه أو أسرعن لشدة اللوعة أو لغير ذلك.